بقلم إسعاد يونس
■ كمثل عداد القنبلة المعدة للانفجار.. تتوالى الدقات.. تك تك تك.. عدّ تنازلى.. كلها ساعات ويتحدد مصير البلد.. إما للأربع سنوات القادمة.. أو إلى الأبد.
■ إما أن نأخذ هدنة ونلتقط أنفاسنا ونواجه أنفسنا بمهمة استكمال مسيرة ثورة التصحيح.. عارفة إن الكلمة دى بقت بتستفز ناس كتير.. لكن مشوار طلوع السلالم محتاج وقفة كل فترة لالتقاط الأنفاس.. لكن مشوار النزول لا يحتاج لوقفات من أصله.. ويمكن لا يحتاج للنزول.. الكعورة تكفى.. وما أسرع الوصول للبدروم.. إن ماكانش بفعل الغباوة يبقى بفعل الجاذبية الأرضية.
■ غفوت للحظات.. وحلمت.. أو سمها إتكبست من كابوس.. نحن الآن نصحو ونصطبح على مصر وقد وقعت فى يد الإخوان.. إنسى بقى تاريخك القديم.. وإن كنت متعود على طقوس معينة فى الصباح.. اركنها على جنب.. خلاص.. كل الماضى راح فى الوبا.. ابدأ يومك بقى.. وانظر حولك ليس بهدف تحديد النسل فهو سيتحدد لوحده وحايتقطع كمان.. ولكن لترى بعين تستطيع الإبصار - مش ضبشة ومدغششة بفعل مرهم التيرامايسين - ما حولك من رقع ومساحات جغرافية كان يطلق عليها دول.. وآخرها رقعة اسمها تونس أعلنوا فيها عمناول حظر التجول لاشتباكات بين الشرطة وبعض السلفيين إثر رؤيتهم ويالهول ما رأوا.. معرضاً للفنون آل والعياذ بالله تشكيلية فقرروا اللغمطة فيه وفى البعدا الكفار اللى عملوه وحرقوه ودهملوه وتركوا بصمتهم الكريهة الغوغائية عليه.. رقعة تفقد بهاءها وسمعتها ومصدر رزقها من أجل مجموعة من الأفكار التى عفا عليها الزمان ولا تجد صدى إلا الخراب.. ودى دولة صغيرة لا ليها تاريخ ولا حضارة قديمة ولا دياولو.. فما بالك بمصر.. وما أدراهم ما هى مصر.. فهم لا يعلمون.. ليست فى كتيب الإرشاد الذى يحفظونه.
■ غداً أذهب لصناديق الانتخابات.. وأنا أحمل فى قلبى غصة وألماً وحسرة.. ورعباً.. وأقف أمام الصندوق لأضع علامة فى خانة ما.. النية أن أبطل الصوت.. أن أرتدى ملابسى وأستقل وسيلة مواصلاتى.. وأقف فى عز الحر أنزّ عرق وضنا.. لأدخل وأبطل الصوت.. لا للجلوس فى بيتى بدعوى أنى مقاطعة وأنا فى الحقيقة لا أقاطع ولكنى أستنطع وأوفر المشوار واكسّل واستهبل وقال يعنى عندى موقف سياسى.. وإذا ما سألنى أحدهم انتى فى البيت بتهببى إيه؟؟.. أقول لا يمكن أبدا أنزل.. دانا حمدينية صباحية ومقاطعة.. أنا مقموصة وبوزى ملوى وواخدة على خاطرى وزلومتى معووجة على جنب.. ضميرى لا يسمح أن أنتخب شفيق أو مرسى.. نونو نو.. نيفر.. أنا حقاطع عشان أعاقب الشعب اللى اختار شفيق أو مرسى.. وحيث إن مقاطعتى أو إبطالى الصوت مش حايوقفوا الانتخابات.. يبقى الشعب يلبس بقى واحد فيهم وأنا حاقعد اتفرج وانبر من بعيد وكأنى أنا كمان مش حالبس.. فالشعب بقى يقعد يعض نواجذ الندم طول الفترة الانتخابية اللى جاية أو إلى الأبد.. ويقول لنفسه: كنت فين يا حمدين لما علمت أنا على مرسى أو شفيق.. وأنا بكل غباوة أقول «أحسن.. يستاهلوا».
■ وأواجه نفسى فى المرآة.. ماذا أريد فعلا؟؟.. أريد للثورة أن تستمر.. يعنى إيه تستمر؟؟.. يعنى مهما جاء فى طريقها من عوائق تقاوم ولا تسمح باغتيالها.. مش يعنى نفضل نايمين فى الشوارع وعاملين أذعرينة أصبحت لا تودى ولا تجيب.. فنزول الميدان كل حين ومين لا ينتج عنه إلا رواج بضاعة الباعة الجائلين وارتفاع سعر شنجوتشات الكبدة.. أريد أن أرى الحلم يتحقق.. وأن أرى ذلك الذى ناصرته يعود وينتصر ويأخذ ما يستحق من فرصة لخدمة البلد دى.
■ طيب حمدين صباحى لم يوجه أنصاره بعد خروجه من السباق.. لم يأمرنا بالتوجه لأحد بعينه.. عاملنا على أننا ناس كبار وعاقلين وبنعرف نقرا ونكتب ولدينا حرية الاختيار.. ليبراليين بقى وعندنا والعياذ بالله مخ.. وبالتالى لم يوجهنا على اعتبار أننا قطيع وقال روحوا اعطوا صوتكم لفلان نكاية فى علان.. إذن نحن لسنا مأمورين ولا منقادين ولا نعامل تعاليم الأشخاص على أنها أوامر سماوية.. وبما أن أنصار أبوالفتوح وأبوإسماعيل قد أخذوا الأوامر ليصوتوا لمرسى.. يسرى فى وجدانهم أنهم لو عصوا سيدخلوا النار.. وبما أن بعض الثوار وجماعة ستة إبريل ستصوت أيضاً لمرسى بدعوى الكيد والهرى والنكت لـ«شفيق».. يعنى تصويت انتقامى وخلاص.
■ إذن أصبح فى إمكان الأربعة ملايين صوت الذين كانوا من حظ حمدين أن يروا الناتج مقدما.. إذا صوتوا لمرسى.. أعطوا البلد أو ساهموا فى إعطائها كاللوزة المقشرة للإخوان.. والكتلة الصوتية صعب أن تذوب.. يعنى ماينفعش يقولوا ما صوتناش لأن الأعداد محسوبة مقدما.. أصوات مرسى وأبوالفتوح والسلفيين والجزء المفقود من الثوار.. وإذا أبطلوا الصوت أيضا سلموها للإخوان.. وفى هذه الحالة إنسى أن يعود حمدين لأى منصة أو يرتفع له صوت.. بفعل كره باقى المصريين الذين سيقعون فى هذا الفخ لحمدين وأنصاره فسوف يكون واضحا أنهم هم السبب.. ولكره الإخوان له طبعا والذين سيكون على رأس مهامهم القضاء عليه وعلى أى فرد يوقف مسيرة احتلالهم لمصر مثله.
■ أحدث نفسى.. طيب هل معنى كلامك.. إنك ستصوتى لشفيق؟؟.. سأصوت للدولة المدنية.. نعم ولن أبطل صوتى.. مش خايفة م الألسنة الطويلة ومعلقات الردح والشتم واستعراض الرخامة وطولة اللسان.. لأ.. ماهو أمامى الآن هو إنقاذ الدولة المدنية وبعدين نبقى نتحاسب.. يبقوا ييجوا يقابلونى لما البلد تروح مننا كمواطنين مصريين أو كأنصار لحمدين.. ييجوا يقابلونى لما الإخوان يملكوا مصر من بابها ويورونى حايخلعوهم إزاى عشان نرجع ناخد وضعنا.
■ وما هى ضماناتك أن شفيق لن ينكل بكم مثلما تفترضين فى الإخوان؟؟.. ليس لدى ضمانات.. ولكننا كنا هناك من قبل.. تدربنا على هذا النوع خلاص.. أما مواجهة حالة المغالبة والهيمنة والسيطرة والنهى عن المنكر ووأد المرأة وسحل الأقباط والسلطة الإلهية المزعومة والتسليح والتمويل الأجنبى وقضايا حماس وغزة وسينا وقطر وقناة السويس والسلاح اللى دخل من ليبيا وكل اللغمطة دى فلا قبل لنا بها.. ما أنا متأكدة منه أن هذا الفصيل لن يتحالف معنا بأى شكل كان، ولن يكون فى صفنا، ولن يسمح لنا بالبقاء على أرض الخلافة التى يحلمون بها ويريدون طردنا من بلدنا من أجلها.. سنقف فى المنتصف بلا أى حائط يدارينا.. لكن مع الدولة المدنية احتمال استمرارنا وارد بدرجة كبيرة.. ومساحة حريتنا لكى نستعد للدورة القادمة ستكون فى المستطاع.
■ الأمل الوحيد من وجهة نظرى.. وربما كنت مخطئة.. ولكن هذا ما وصلت إليه بعد طول تفكير وإحساس بالذنب والمسؤولية تجاه مصر والثورة وباقى فئات الشعب العادية التى ترتعد من تسليمها للمحتل دون عودة.. الأمل الوحيد لبقاء حمدين والحفاظ على مشوار الثورة هو أن أصوت للدولة المدنية.. فمن يدرينى.. أهه المحكمة الدستورية حكمت تقريبا بحل المجلس.. لسه حانشوف ردود الأفعال ووجع الدماغ.. ويمكن بعد شوية يحصل قرار بانتخابات رئاسية مبكرة.. كل الأشياء واردة فى عهد شفيق.. لكن مع الإخوان؟؟.. لا وألف لا.. لن يمكنونا من هذا والأدلة كثيرة آخرها انتخابات اللجنة التأسيسية الأخيرة.. ماكانوش عاوزين يفهموا أو يسلموا أن الشعب لا يقبل هذا الفكر والأسلوب.. يفرضون علينا نفس الوجوه ونفس المنهج ونفس اللف والدوران.. مفيش فايدة.. فإذا ملّكناهم البلد بمفتاحها.. قل وداعا للثورة والمدنية وحمدين ومن شابهه ومصر كلها.
■ تك تك تك.. العداد شغال.. والعد التنازلى مستمر.. توكلت على الله.. نعم للدولة المدنية.
No comments:
Post a Comment