ذكريات اسكندرانى

إسكندرية لها سحر لم أجده في أي بلد في العالم.... هل هم الأهل و الأصحاب أم هو سحرُ حقيقي. أم وجود الأهل و الأصحاب في المدينة المسحورة. الحقيقة الأكل كان يمثل جزء كبير من حياتنا و كان بيت عمتي بيت كتب الله عليه البركة. في طفولتي كنا نستيقظ في الساعة ٦ لنجد وليمة الفطار المفضلة: بيض مقلي، جبنة رومي، فول ، فلافل ،لقمة القاضي و عسل و ذبدة و اهم شئ كوباية البليلة باللبن.

انطلق انا و اختي و ابن عمتي : الي محطة الترام من سيدي جابر حتي سيدي بشر . نبدأ بالمشي من طابية سيدي بشر حتي پلاچ ابو هيف. لنجد بقية شباب العائلة ينضم إلينا . اليوم راحة مش حنصتاد سمك، هذا ما قررناه. ينقسم اليوم بين السباحة و الراكيت و ركوب الپينسوار و لعب الاستيميشن و الشطرنج. و تقترب الساعة من الثانية ، و رغم أننا قد زينا بطوننا خلال النهار بالفريسكا و الكلوكلو و اللب الأبيض و السوداني و زجاجة الماكدونلدز بطعم التفاح أو التوتي فروتي الا ان الجوع قد بدأت قواته تهاجمنا. الحل طبعا في فطير الأمور : بالسدق أو باللحمة و الحلو طبعاً بالسكر أو بالعسل. أو الفراخ المشوية من عند ابو خالد بجانب جامع خالد بن الوليد .

 أكاد اجزم بل اجزم ان لو يحدث يوماً ان تسمم احد منا أو حتي حدث أي اضطراب معوي كل شئ نظيف و جميل. و نستكمل النشاط و أجمل شئ كان نزلة البحر وقت غروب الشمس.
و في ليلة من الليالي من عام ١٩٧٢ أخذنا ابن عمتي الكبير شريف في رحلة الي الإبراهيمية: عندي لكم مفاجأة عظيمة. بعد ان نزلنا الي محطة الترام مشينا لمدة ١٠ دقائق لنجد رجل في ال٥٠ من عمره يقف علي عربية و يقدم : عاشورة و مشمشية و مهلبية و رز باللبن ،

 نعم هذا هو الحاج صابر. و في بعض الليال كنا نذهب الي سينما مترو ثم نعرج الي اليت ، طبعاً قالب المكرونة فرن بالبشاميل هو المراد. أو نعرج علي شجابي لنأكل الپيتزا التي لم اكل مثلها حتي يومنا هذا .

 و من ينسي جاتوه تريانون فهو أثم و من ينسي كاساتا البوريڤاچ فهو ناكر للحق. حينما كنا نذهب مع أهلنا الي البوريڤاچ أو سان ستيفانو كان الرجال يلبسون البدل و السيدات التيرات . زمن الرقي و الشياكة. من ينسي زيفيريون في ابو قير و تراسه علي البحر: سلطة بلدي بالبصل و طماطم بالثوم ثم السبيط المقلي و البربوني و نتبعه بالجمبري المشوي و بعد ذلك...... سمك القاروص المشوي زيت و ليمون.

كم اشتاق إليكم و اشتاق لصحبتكم تركتم لي ذكري ايام و ثواني لاتنسي. عرفت السعادة بكم و معكم و كل ما انا فيه من خير فمن الله و بفضل دعائكم و تضحيتكم. انتم حبي الأول و الأخير لا يضاهيه حب..... اللهم أسكنهم جميعاً جناتك و أحشرنا معهم يوم الدين

بقلم : خالد ش