بإخوان، بسلفيين، بوفد، بكتلة، بوسط، بذقن أو جلابية، بسبحة أو صليب — لن نتنازل عن حريتنا وحقوقنا وعاداتنا وتقاليدنا.
عفواً ايها الناجحون في مجلس الشعب بمرحلته الأولى المنتهية أو الثانية والثالثة القادمين— حريتنا خط أحمر بالنسبة لكم جميعاً، أيا كانت ديانتكم أو أفكاركم أو معتقداتكم. ألعبوا سياسة كما تريدون ولكن أتركوا الأديان والأعمال والحساب للمولى عز وجل. أحصلوا على الحصانة. إجلسوا على "الكراسي". إكسبوا الأصوات بأي طريقة تجيدونها، قانونية أو غير قانونية. أكتبوا الدستور. سنوا القوانين والتشريعات. إحتفلوا بإنتصاركم. أطلقوا وعودكم على الفضائيات والصحف والمجلات. إعملوا فينا ما تشاءون وما يحلو لكم من أفكار وإختراعات وفرمانات، لعلها تقود البلاد لثورة إصلاح حقيقية كما نأمل ونحلم بالتأكيد.
ولكن حذار من أن تعبثوا بحرياتنا. خلاص زمن العبودية إنتهى. لقد أسقطنا الديكتاتور وأعوانه وحاشيته وعائلته. كلهم في السجون الآن رهن التحقيقات لينالوا عقابهم إذا كانوا يستحقونه. لن نرضى أن يستعبدنا أحد بعد الثورة.
لا تتخيلوا يا سادة أننا سنسكت ونشاهد ونتابع بلطف وقلة حيلة وهدوء كل واحد منكم وهو يمسك بميكروفون أو يجلس أمام شاشة أو يطلق العنان لتصريحاته الرنانة أمام قلم صحفى ويبدأ في سرد الفتاوي والحكم والإفتكاسات التى نسمعها لأول مرة طوال تاريخنا في بلد هو ملك لنا نحن ولم يكن يوماً ورثا لكم وإغتصبناه أو سرقناه منكم.
مصر هى بلدنا إحنا — مسلم ومسيحي، إمرأة وطفل، فلاح وموظف، عامل ورجل أعمال — إنتفضت لتقوم بأعظم ثورة عرفها التاريخ القديم والمعاصر. ولا تتخيلوا أن "نلف" البلد فى ورق هدايا ونقدمها لكم بمناسبة رأس السنة لتعلنوا تسجيلها في الشهر العقاري كجزء من أملاككم ومقتنياتكم.
سنبقى أحراراً بعد الثورة، من حقنا أن نعبد ربنا بالطريقة التى إخترناها نحن وليس أنتم. سيحاسبنا المولى عز وجل في يوم الحساب العظيم وليس داخل جلسات مجلس الشعب الموقر. الملائكة هم الذين سيقدمون كشوف حسابنا وفقاً لأعمالنا وليس أنتم تحت قبة البرلمان.
من حقتا أن نقرأ كتب نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، أن نمشى في شوارع بلدنا الجميلة ونأكل "الترمس" والذرة ونشرب السحلب وحمص الشام، أن نرحب بسياح العالم أجمع على أرض الكنانة، خاصة وهم يفيدون 8 ملايين مصري يعملون في مجال السياحة، أن نختار طريقة تربية أولادنا وبناتنا، أن ترتدي نساؤنا ما تشاء من ملابس، فستان أو جينز، عباية أو نقاب، تعلق"مصحف" أو "صليب" مالكوش دعوة!
من حقنا أن نستمتع بشمس بلدنا ولياليها الساحرة كما يحلو لنا، أن نخرج للمصايف ونجلس على البحر، نذهب لمارينا وغزالة وهاسياندا، نتجمع في شواطئ ميامي وجمصة والبيطاش، نسافر للعين السخنة والجونة وشرم الشيخ وذهب ونويبع. هي أراضينا وشواطئنا التى نمتلكها.
نحن، وليس أنتم، سنجلس على الكافيهات ونشجع "الكورة" ونذهب للسينما والمسرح ونمارس التسوق في "سيتى ستارز" و"كارفور" و"هايبر وان" ونتناول العشاء في أى مطعم نفضله ونتجمع يوم الأجازة في النادي ونمارس الرياضة في "التراك" و"الجيم".
نحن أيضا نرفض أن نتناقش مع أى مخلوق فكرة تديننا أو إيماننا بالله، أو أن ندافع عن أنفسنا ضد تهمة إبتعادنا عن تعاليم القرآن أو الإنجيل. من أنتم حتى تتهموننا وتستمعوا لدفاعنا وحججنا ومبرراتنا؟!
سيبقى كل "مسلم" مواطنا مصريا من الدرجة الأولى، له حقوق وواجبات داخل هذا البلد الآمن الطيب، وكذلك المسيحى الذي يحمل رقماً قوميا مكتوبا عليه "مصري" في خانة الجنسية. لن نحتاج "تأشيرة" من أعضاء مجلس الشعب لنخرج أو ندخل من وإلى بلدنا.
مرة أخرى وأخيرة : إلعبوا سياسة زى ما أنتم عايزين. حاولوا النهوض ببلدنا التى تعاني كثيراً الآن. أدعموا الإقتصاد وطوّروا التعليم وأقضوا على البطالة وانسفوا الفساد الحكومي في الإدارات والمحليات ودافعوا عن مياه النيل التى تقترب من الضياع منا. أصلحوا المرافق والطرق واحموا الناس من شرور الحوادث ونزيف الأسفلت. إبحثوا عن صحة الناس وطوّروا مستشفياتنا التى يدخلها الأصحاء ليخرجوا منها موتى. أعيدوا الأمان المفقود لشوارعنا ومحافظاتنا وطاردوا البلطجية وأقطعوا أيديهم وأرجلهم لو تقدرون. أعيدوا لنا الإستثمارات الأجنبية الهاربة منا وشجعوا رجال الأعمال الشرفاء على العمل وضخ إستثماراتهم في مشاريع "حلال" ومفيدة ومنتجة. إنهضوا بالبورصة وشجعوا البنوك وإبحثوا عن وسيلة لإعادة 18 مليار دولار من أموال الإحتياطي النقدي "طارت منا" في لمح البصر— من يناير لنوفمبر. ساندوا الصناعة وإبحثوا عن الزراعة التى أصبحت غير موجودة أصلاً على خريطة بلدنا. أمامكم فرصة العمر لتدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وتنقلوا بلدنا لمرحلة أفضل وأحسن وتخططوا لمستقبل أكثر إشراقاً لأبنائنا وعائلاتنا. وقتها ستثبتون أنكم الأفضل والأحق بالفعل.
ولكن حذار من العبث في حرياتنا وحقوقنا وتقاليدنا وأفكارنا ونمط حياتنا ومعتقداتنا. هي خط أحمر لكم جميعاً، نوابا ووزراء ومحافظين وحتى الرئيس القادم للبلاد. واجب كل واحد منكم أن يخدم الشعب ويحقق رغباته وطموحاته وأحلامه، بل وأوامره. لن تكونوا "أسيادا" علينا أبداً مهما بلغتم من قوة وشدة وجبروت. لن تحكمونا بأراء وتفسيرات ومعتقدات دينية. لن نسمح أن تتخذ القرارات وتسن القوانين والتشريعات من فوق منبر المساجد أو تحت شموع الكنائس.
يا سادة. . التحرير لايزال موجودا. . كما أسقطنا نظاماً إستعبدنا 30 عاماً، ليس صعباً أن نسقط مجموعة من "النواب"، جاءوا بإصواتنا وإرادتنا نحن، إذا ما حاولوا تقييد حرياتنا وتكميم أفواهنا والتحكم في مصائرنا وإعادتنا لعصور الظلام والجهل والعبودية.
صدقوني— الثورة عليكم لو حدثت ستكون أقوى وأشد ألف مرة من ثورة إسقاط مبارك وعائلته وحاشيته!!
رساله من مصرىه
No comments:
Post a Comment