الاعلان

Friday 17 August 2012

وسام للحمار : للكاتب التركي الراحل عزيز نيسين






جاءت بقرة الي باب قصر السلطان ركضاً، قالت لرئيس البوابين:

– اخبروا السلطان أن بقرة تريد مقابلته.

أرادوا صرفها، فبدأت تخور:

– لا أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل أن أواجه السلطان !

أرسل رئيس البوابين للسلطان يقول:

– مولانا، بقرة من رعيتكم تسأل المثول أمامكم.

أجاب السلطان:

-لتأت لنرى بأية ما شأن هذه البقرة !

قال لها السلطان:

– خوري لنرى ما ستخورين به !

قالت البقرة:

– مولاي، سمعت أنك توزع أوسمة، أريد وساماً.

فصرخ السلطان:

– بأي حق ؟ و ماذا قدمت ؟ ما نفعك للوطن حتى نعطيك وساماً !؟

قالت البقرة:

– إذا لم أعط أنا وساماً فمن يعطاه ؟؟؟

، تأكلون لحمي و تشربون حليبي و تلبسون جلدي. حتى روثي لا تركونه، بل تستعملونه. فمن أجل وسام من التنك ماذا عليّ أن أعمل أيضا ؟؟؟

وجد السلطان الحق في طلب البقرة، فأعطاها وساماً من المرتبة الثانية.

علقت البقرة الوسام في رقبتها، و بينما هي عائدة من القصر، ترقص فرحاً، التقت البغل، و دار بينها الحديث:

– مرحباً يا أختي البقرة..

– مرحبا يا أخي البغل !

– ما كل هذا الإنشراح ؟ من أين أنت قادمة ؟

شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل، و عندما قالت أنها أخذت وساماُ من السلطان، هاج البغل، و بهياجه، و بحوافره الأربعة، ذهب إلى قصر السلطان:

– سأواجه مولانا السلطان !

– ممنوع

إلا أنه و بعناده الموروث عن أبيه، حرن و انتصب على قائتميه الخلفيتين و أبى التراجع عن باب القصر.

نقلوا الصورة إلى السلطان، فقال:

– البغل أيضا من رعيتي، فليأت و نرى ؟؟

مثل البغل بين يدي السلطان، ألقى سلاماً بغلياً، قبّل اليد و الثوب، ثم قال أنه يريد وساماً، فسأله السلطان:

– ما الذي قدمته حتى تحصل على وسام ؟؟

– آآآآ … يا مولاي.. و من قدم أكثر مما قدمت ؟.. ألست من يجمل مدافعكم وبنادقكم وارزاقكم وجنودكم على ظهره أيام الحرب ؟

ألست من يركب أطفالكم وعيالكم على ظهره أيام السلم ؟؟.. لولاي ما استطعتم فعل شيء.

أصدر السلطان إذ رأى البغل على حق قراراً:

- أعطوا مواطني البغل وساماً من المرتبة الأولى.

و بينما كان البغل عائداً من القصر بحوافره الأربعة، وهو في حالة فرح قصوى.. التقى الحمار.

قال الحمار:

– مرحباً يا ابن الأخ.

قال البغل:

– مرحباً أيها العم.

– من أين أنت قادم و إلى أين أنت ذاهب ؟

حكى له البغل حكايته. حينها قال الحمار:

– ما دام الأمر هكذا سأذهب أنا أيضاً إلى سلطاننا وآخذ وساماً !

و ركض بحوافره الأربعة إلى القصر.

صاح حراس القصر فيه، لكنهم لم يستطيعوا صده بشكل من الأشكال، فذهبوا إلى السلطان و قالوا له:

– مواطنكم الحمار يريد المثول بين أيديكم. هلا تفضلتم بقبوله أيها السلطان ؟؟

قال السلطان:

- ماذا تريد يا مواطننا الحمار ؟

فأخبر الحمار السلطان رغبته. فقال السلطان وقد وصلت روحه إلى أنفه:

– البقرة تنفع الوطن والرعية بلحمها وحليبها وجلدها وروثها،

وإذا قلت البغل، فإنه يحمل الأحمال على ظهره في الحرب والسلم، وبالتالي فإنه ينفع وطنه.

ماذا قدمت أنت حتى تأتي بحمرنتك و تمثل أمامي، دون حياء، وتطلب وساماً ؟.. ما هذا الخلط الذي تخلطه ؟

فقال الحمار وهو يتصدر مسروراً:

– رحماك يا مولاي السلطان. إن أعظم الخدمات هي تلك التي تقدم إليكم من رعاياكم الحمير، فلو لم يكن الألوف من الحمير مثلي بين رعيتكم، أفكنتم تستطيعون الجلوس على هذا العرش ؟.. هل كانت استمرت سلطنتكم ؟.. احمد ربك على كون رعيتكم حمير مثلي تماماً، فهذا ما يحفظ استمرار سلطنتكم !

أيقن السلطان أن الحمار الذي أمامه يستحق تقديرا يختلف عما استحقه الآخرون فقال:

– إيه يا مواطني الحمار، ليس عندي وسام يليق بخدماتكم الجليلة، لذا آمر بأن يقدم لك عدل من التبن يومياً في اسطبل القصر. كل ونام... كل ونام… كل ونام حتى تستمر سلطنتي

No comments:

Post a Comment