الاعلان

Friday, 7 September 2012

امام







جلس امام، و هو شاب يعمل في وحدة الكلور لحمام السباحة في النادي العريق ، في المسجد قبل صلاة الجمعة يستمع للمقرئ : يَا أَيُّهَـا الَّذِيــنَ آمَنُــــوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ...

كان امام يفكر في المصيبة التي اصابته فقد أصابه الدور للتجنيد الإجباري و غداً موعد الكشف. و امام شاب يعول أسرته :امه و إخوته الاربعة و هو ، بعد الله ، مصدر الدخل الوحيد، فاخيه الكبير عاطل و بقية إخوته صغار السن و امه عجوز و أباه متوفي.... جلس بجانب امام ثلاث رجال، في أوخر الستينات من عمرهم، علي كراسي...فمن عادة كبار السن في النادي ان يجلسوا علي كراسي داخل المسجد...


كان القارئ يقول : وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ... قال احدهم انا المرة الجاية حاجيب معايا ازازة ميه انا بقيت اعطش بسرعة...رد صديقه بصوت يتحدي صمت المسجد و يباري صوت القارئ.. ما في جالونات ميه هناك فوق الثلاجات... فرد عليه دول ولاد قزرين  بيحطوا مية حنفية ده بقي نادي معفن...


و جاء صوت القارئ كانه يذكرهم بأداب الانصات : وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ....


و تعجب امام كيف يتحدث هؤلاء و لا يبالوا بحرمانية المسجد و لا يحترموا الاخرين . ثم فكر و من هم الآخرون هم عمال النادي البسطاء و لو حاول احدهم الاعتراض علي جهرهم بالحديث للاقي شر العذاب و قد يفقد وظيفته...


قال الثالث للأول : ايه يا واد يا مارو البت اللي زي القشطة الي كانت قاعدة معاك في الليدو....

رد مارو بكل ثقة و تباهي : اه دي الحتة الجديدة...

رد الثاني بخبث : بس دي صغيرة عليك يا واد مش دي سامية أخت نانوش....

فشر صغيرة ايه انت اللي عجوز ... وضحك الثلاث بقهقهة لا ينقصها السفاهة...

و جاء صوت القارئ من بعيد كانه يستنجد :لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ، ......

بس سامية دي متجوزة يا مارو....و رد مارو بإستعلاء : و انا مال امي كل واحدة تنام علي الجنب الي يريحها او تنام مع الي يريحها.....

ضحك الثلاث علي القفشة الملعوبة ....

و جاء الانذار الاخير من رب المسجد في صوت القارئ : لَــوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّــــنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ....


قام امام من مكانه و قرر ان يصلي خارج المسجد مع المصلين الذين يفترشون الارض حول المسجد.... و ما ان خرج حتي سمع صوت طقطقة عالية ثم صوت انهيار...خر السقف في المربع الذي كان يجلس به امام و نجا الجميع الا ثلاث جاري استخراج جثثهم من تحت الأنقاض...

و علم امام يومها ان الخير فيما اختار الله و ان مصيبته ان أتاه التجنيد هي أهون من مصيبة كمصيبة الموت .... او مصيبة اكبر و هي سوء الخاتمة

بقلم: خالد ش.

No comments:

Post a Comment